كان هناك تاجر الماس يثق الناس به الى درجة أنهم استودعوه مالهم للإتجار به وكان يعطيهم
مما قسمه الله من ارباح.
في يوم من الايام باع أهل القرية كل محصولهم وأعطوا ثمنه للرجل . وقد ارسل الرجل عمّاله لشراء الماس . ولكن العمال تعرضوا للسرقة .وعاد الرسول ليبلغه بأمر السرقة لم يتحمل فمات من فوره
أقام له ولده الوحيد العزاء وقد بكاه الناس أيما بكاء لحسن سيرته وكان بعض الناس يبكون بكاء مختلفا فما كان من ولده النبيه الا أن قال لهم: سأرد لكم مالكم بتمامه فلا داعي للقلق
باع الولد ما تركه أبوه من قصور وبساتين وخيل وأنعام وجوار وعبيد حتى حلي والدته باعها
وأعطى لكل ذي حق حقه فلم يبق له إلا غرفة وحمار وفأس
ومن اليوم التالي بدأ يحتطب ليعيش ولأنه لم يعتد شظف العيش وخشونة الحياة لم يستطع ان يجمع
من الحطب ما يؤمن له الخبز فقط.
في يوم من الايام عاد وعلى يديه اثار الدماء نظرت اليه أمه وقد انفطر قلبها لرؤيته وقالت:
- ولدي لم لا تذهب الى صديقك القديم محمود لتقترض منه بعض المال للتجارة
- أماه لا اريد ان ابيع ماء وجهي
- ولدي اما من كرامة لي عندك
- حبا وكرامة يا اماه
في اليوم التالي ركب على حماره وانطلق الى صديقه وبعد مسير يومين وصل الى قصره
طرق الباب فتح الحارس وقال :
- من انت ؟؟
- قل لسيدك ان فلانا يقف في الباب ويريد رؤيتك
ذهب الحارس وبعد دقائق عاد وأقفل الباب بوجهه . دمعت عيناه وعاد أدراجه منكسرا.
في طريق العودة لجأ إلى شجرة يرتاح بفيئها ما لبث أن غفا , وعندما انتبه من نومه
وجد حوله ثلاثة فرسان . توجه اليهم بالسؤال قائلا:
- من اي البلاد انتم
- نحن من سبأ
- وماذا تفعلون في ديارنا
- نحن ذاهبون الى تاجر ماس لشراء البضاعة
- ما اسم هذا التاجر
- اسمه فلان
- ولكن هذا ابي وقد توفاه الله
- قالوا واسفنا عليه اذن ينبغي ان نقوم بواجب العزاء
- قال انا ولده الوحيد ولا داعي لان تتعبوا انفسكم
وتحت وطأة اصرارهم صحبهم الى منزله لتقديم العزاء
وعندما وصل الى المنزل استقبلته امه امام الغرفة قائلة:
- هناك امرأة تنتظر منذ الصباح وصولك ولم تفصح لي عن حاجتها ولا شيء عندي اقدمه لها
- سأراها
دخل الغرفة وجد وسأل المرأة عن حاجتها فاعطته صرة من الماس وطلبت ثمنها الف درهم
فقال لها :
- انا لا علم لي باسعار الماس ولكن هناك في الخارج تجار يشترون منك ما تريدين
- انا اريد ان ابيعك انت كما كنت ابيع لأبيك
خرج الى التجار وسألهم ان كنا بوسعهم شراء الماس واعطاهم الصرة فقالوا نحن نشتريها
ب مئة الف
عاد الى المرأة وابلغها أن سعر الصرة اكثر مما تطلب فقالت اريد الف درهم ولك ان تبيعها
بمئة الف الف
اشترى الولد وباع وعاد لتجارة الماس وما هي الا اشهر قليلة وعاد الى ما كان عليه ابوه
واشترى ما باعه وتضاعفت ثروته
الى ان دعاهم ذات يوم امير المنطقة الى مأدبة وصودف ان كرسيه بجوار كرسي محمود
فنظر اليه نظرة تنم عن عدم رضا.
سأله محمود :
- ماذا تفعل في هذه الايام
- اكتب الشعر
- اسمعني من شعرك
- صحبت قوما لئاما لا وفاء لهم ** يعدّون بين الورى بالمكر والحيل
كانوا يجلّونني مذ كنت رب غنى ** وقد افتقرت فعدّوني من الحثل
- رائع شعرك هذا
- وانت ماذا تفعل في ايامك
- اكتب الشعر ايضا
- هلك ان تسمعني
- أمّا الثلاثة قد وافوك من قبلي*** ولم تكن سبأ الا من الحيل
ومن تكفّل بيع الماس والدتي*** وأنت أنت أخي بل منتهى املي
وما طردتك من شح ومن طمع*** لكن عليك خشينا وقفة الخجل
هل يوجد في هذا الزمان مثل هذا.؟؟؟؟؟؟